responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 535
الأحوال، فلم يحصل مِنْهُ شَيْءٌ وَخَانَهُ أَحْوَجَ مَا كَانَ إِلَيْهِ، ولهذا قال تعالى: وَأَصابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ فَأَصابَها إِعْصارٌ وَهُوَ الرِّيحُ الشَّدِيدُ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ أَيْ أَحْرَقَ ثِمَارَهَا وَأَبَادَ أَشْجَارَهَا، فَأَيُّ حَالٍ يَكُونُ حَالُهُ؟
وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ضَرَبَ الله مَثَلًا حَسَنًا وَكُلُّ أَمْثَالِهِ حَسَنٌ، قَالَ أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ يقول صنعه فِي شَيْبَتِهِ وَأَصابَهُ الْكِبَرُ وَوَلَدُهُ وَذُرِّيَّتُهُ ضِعَافٌ عِنْدَ آخَرِ عُمُرِهِ، فَجَاءَهُ إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فاحترق بُسْتَانَهُ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ قُوَّةً أَنْ يَغْرِسَ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ نَسْلِهِ خَيْرٌ يَعُودُونَ به عليه، وكذلك الكافر يكون يوم القيامة إذا رُدَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَيْسَ لَهُ خَيْرٌ فَيُسْتَعْتَبُ، كَمَا لَيْسَ لِهَذَا قُوَّةٌ فَيَغْرِسُ مِثْلَ بُسْتَانِهِ، وَلَا يَجِدُهُ قَدَّمَ لِنَفْسِهِ خَيْرًا يَعُودُ عَلَيْهِ، كَمَا لَمْ يُغْنِ عَنْ هَذَا وَلَدُهُ، وَحُرِمَ أَجْرَهُ عِنْدَ أَفْقَرِ مَا كَانَ إليه، كما حرم هذا جنته عند ما كان أَفْقَرِ مَا كَانَ إِلَيْهَا عِنْدَ كِبَرِهِ وَضَعْفِ ذُرِّيَّتِهِ. وَهَكَذَا رَوَى الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يَقُولُ فِي دُعَائِهِ «اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَوْسَعَ رِزْقِكَ عَلَيَّ عِنْدَ كِبَرِ سِنِّي وَانْقِضَاءِ عُمُرِي» وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ أَيْ تَعْتَبِرُونَ وَتَفْهَمُونَ الْأَمْثَالَ وَالْمَعَانِي وَتُنْزِلُونَهَا عَلَى الْمُرَادِ مِنْهَا. كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ [العنكبوت: 43] .

[سورة البقرة (2) : الآيات 267 الى 269]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267) الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (268) يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ (269)
يَأْمُرُ تَعَالَى: عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْإِنْفَاقِ وَالْمُرَادُ بِهِ الصَّدَقَةُ هَاهُنَا، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقَهُمْ مِنَ الْأَمْوَالِ الَّتِي اكْتَسَبُوهَا، قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي التِّجَارَةَ بِتَيْسِيرِهِ إِيَّاهَا لَهُمْ، وَقَالَ عَلِيٌّ وَالسُّدِّيُّ مِنْ طَيِّباتِ مَا كَسَبْتُمْ يَعْنِي الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَمِنَ الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ الَّتِي أَنْبَتَهَا لَهُمْ مِنَ الْأَرْضِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَرَهُمْ بِالْإِنْفَاقِ مِنْ أَطِيبِ الْمَالِ وَأَجْوَدِهِ وَأَنْفَسِهِ، ونهاهم عن التصدق برذالة المال ودنيئه وَهُوَ خَبِيثُهُ، فَإِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إلا طيبا، ولهذا قال: وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ أَيْ تَقْصِدُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ أَيْ لَوْ أُعْطِيتُمُوهُ مَا أَخَذْتُمُوهُ، إِلَّا أَنْ تَتَغَاضَوْا فِيهِ، فَاللَّهُ أَغْنَى عَنْهُ مِنْكُمْ، فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ مَا تَكْرَهُونَ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ أَيْ لَا تَعْدِلُوا عَنِ الْمَالِ الْحَلَالِ وَتَقْصِدُوا إِلَى الْحَرَامِ فَتَجْعَلُوا نفقتكم منه.

نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 535
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست